الرواية الثانية للدكتور علاء الاسواني، بعد حوالي خمس سنوات من روايته الأولي"عمارة يعقوبيان" والتي حظيت بشهرة واسعة وأثارت ضجة لم تحدثها رواية مصرية منذ فترة طويلة ،بل ويقال أنها أعادت بعض القراء المحجمين الي القراءة من جديد
الرواية الجديدة ،لم أستطع تلقيها دون أن ترمي "يعقوبيان" بظلالها علي هذا التلقي التشابه أولا في المغزي ،حيث يتطرق الكاتب الي الفساد السياسي والأمني الموجود ب(مصر) عن طريق مجموعة من المهاجرين والمبعوثين للدراسة بجامعات الولايات المتحدة
المكان هو ولاية شيكاجو الأمريكية ،لكنه يعود الي مصر دائما من خلال خلفيات أبطال الرواية..كما يقوم بالعرض المكثف لكل أشكال الاضطهاد في (مصر) ويربطها بأشكال ما من الاضطهاد العنصري بأمريكا..يرسم الكاتب المكان كشخص رأي الولاية ولم يتعمق فيها،فبدا كمن نقلها من فيلم أمريكي،أو خط ما سمعه من أصدقاء أمريكيين.والعجيب أن عودته الي القاهرة في خلفيات الشخصيات،قد تم تناولها بذات الطريقة، فنراه قد تجاهل التعمق في المكان أو نقل سماته وتأثيراته، مما جعلني أبرر ذلك بمحاولة للتغرب حاول الكاتب توضيحها، وأعتقد أنني احتجت الي التبرير للكاتب أكثر من مرة
زمان الرواية هو الزمان الحالي،بعد أحداث سبتمبر وما تبعها في الولايات من اضطهاد وتحرش بالعرب
الرواية تحمل فكر المواطن المحب لوطنه المقهور الغارق في همومه، الساخط علي نظام الحكم فيه ،عن طريق عرض لمذكرات(ناجي عبد الصمد) الشخصية التي حاول الكاتب جعلها شخصية الرواية ،لكنه استخدم ذات تيمة روايته الأولي حيث ربط عدد من الشخصيات –وبالتالي الحيوات-
-قال الأسواني من قبل أنه لا يستهدف القاريء الغربي ولا يعنيه أن يوصل لهم فكره،غير أني أراه هنا شديد اللعب علي وتر "التفهم" لطبيعة الحياة الأمريكية،و ضغوط المجتمع الامريكي، وعزل الشعب عن مساويء حكومته ، فبدا كمن يخاطب الشعب الأمريكي والعربي علي حد السواء
غير أني-من جديد-اري انه قد تناول أمريكا من منظور المشاهد العربي للسينما الأمريكية؛فبدا المجتمع الذي ينقله الكاتب عبارة عن مشهد منقول من فيلم أو مسلسل أمريكي.
- مازال الكاتب يستخدم أسلوب الجنس للجنس،وهو أسلوب الاقحام المستمر للجنس بداعي وبدون داعي والتعامل مع الجنس كحقيقة تدور حولها الارض..لو أردت أن أبرر هذا للكاتب لقلت أنه يحاول تصوير العلاقة بين نظامي الحكم الفاسدين هنا أو ف الولايات،بعلاقة مضاجعة آثمة،يمكننا الارتكان لهذا فيم يخص تبرير الكمّ ، وأنا يا رفاق لا أعترض علي فكر الكاتب ولا يحق لي انتقاده،لكن من جديد نتحدث عن الت..ن..ا..و..ل
قد نتفق أو نختلف، لكنني أجد تناول الأسواني لعلاقات الجنس في هذه الرواية صارخا أكثر مما ينبغي..
في عمارة يعقوبيان كان هناك حاتم الصحفي الشاذ جنسيا، وقد تعدي الاسواني التلميح الذي اعتدنا أن يتناوله كتابنا فيما يتعلق بهذه الامور الي التصريح، بل خرج من اطار المبدع، الي الدارس فبدأ يعرض معلوماته التي جمعها عن الشواذ فيم يشبه دراسة مقدمة الي القاريء، وهو الأمر الذي أثار استيائي ،وكنت أفضل حتي وان استعرض ثقافته،أن يفعل ذلك بشكل يمس الفئة التي يتحدث عنها فحسب،فيستخدم ألفاظا تجعل القاريء الطبيعي يبحث فيها منفصلا عن الرواية،لا أن تتحول الرواية في جزء منها الي موسوعة.
وهو هنا يقوم بالفعل ذاته ،فيقوم في أحد أجزاء الرواية بعرض معلومات تم تجميعها بعناية عن الاشباع الجنسي المنفرد ، فيتناول الأمر عن طريق امرأة في خريف العمر يعاني زوجها العجز الجنسي. فتبدأ باللجوء للعادة السرية. وهو نوع من الشذوذ.
-الرواية تأخذ شكل الأحداث المقطعة تماما كسابقتها،وتبدأ الأحداث بتعريفنا علي مجموعة من بروفيسورات جامعة الينوي بشيكاجو يقومون بالتصويت علي انضمام (ناجي عبد الصمد) الدارس الجديد وهو غير مبعوث من جامعة مصرية ، ولا يعمل بأيهن..من خلال المناقشة نتعرف علي سمات أساسية لدي كل أستاذ، والاساتذة مجموعة من المصريين والامريكيين..هناك أستاذ مصري يبدأ حديثه بقوله"بما أنني كنت مصريا في الماضي، وتم شفائي،فأنا أعلم عن المصريين عدم اهتمامهم بالعلم........الخ
يري الرجل أن غاية ما سيقوم به هذا الدارس بعد الحصول علي شهادته، تعليقها في عيادته للتكسب
من خلال المناقشة أيضا نتعرف علي أستاذ مصري آخر خالفه الرأي في خفوت وتهذيب...اف بقي
أبعد ما أبغيه قطعا هو أن أحرق الرواية فينتهي الحماس لقرائتها-وهو مالا أراه خسارة كبيرة- أو افساد عناصر التشويق الموجودة بالرواية
لذلك سأترك من لم يقرأها بعد يتعرف علي الشخصيات بنفسه وأنتقل للحديث عن الأحداث
"بعد عدة اسابيع،يقوم الرئيس المصري بزيارة لشيكاجو،وسيلتقي بالدارسين المصريين"
هذا هو الحدث المفجر-ان جاز التعبير- الذي يبدأ-كيعقوبيان-متأخرا نوعا بسبب انشغال الكاتب في عرض شخصياته أولا.
لا أدري، أعلم ككاتبة قصة قصيرة أن الحدث هو الشخصية في حالة فعل،فهل نتعامل من خلال هذا التعريف هنا!!
وهل يخلط الكاتب في هذا الصدد بين بناء الرواية وأشكال فنية أخري!!
وهل مازال مبكرا علي الكاتب أن يتعلم عرض الشخصيات عبر تفجير الأحداث، وليس قبلها!!
-السرد في الرواية-يوووو-نفس طريقة السرد في العمارة..يضيف الكاتب هنا لأسلوب السرد،جزء
يستخدم فيه الراوي المشارك عن طريق صفحات مقتطعة من مذكرات (ناجي)..بالواقع،يؤسفني أنني لا أجد فرقا كبيرا..فالكاتب-لازال-يستخدم الحياد بشكل عكسي،وكما استأت من حياده-الاشبه بالانحياز-مع جماعات الجهاد وقضيتهم وفكرهم وطريقة حياتهم في يعقوبيان،مازلت أستاء من التعامل بهذا الحياد القاتل مع مناطق معينة في شيكاجو، مثل التعامل مع زوجة الدكتور (صلاح)،وكذلك التعامل مع دارس ودارسة يفترض بهما التدين،يقومان بممارسة الجنس الخارجي،معتمدين علي أن هذا لا يعد زنا ولا حد له وأن الله يغفره لمن يشاء.
كذلك التعامل مع حبيبة (ناجي ) اليهودية.
التناول بحيادية،هو طريقة عبقرية للسرد، وأراها ضرورية للغاية ،لكن أن يصل الحياد لدرجة التعامل مع الشخصية ب"هز الكتفين"، فأراه يؤثر سلبا وبشكل مباشر علي تفاعل القاريء مع الشخصية، وكأنه يراها عبر عيون زجاجية..أما استخدام الحياد الاشبه بالانحياز،فيؤدي الي نوع من التعاطف مع اشخاص لا ينبغي التعاطف معهم.
-الصدفة تلعب دورا كبيرا هنا-كما فعلت هناك-فنري أجزاءا درامية حول وقوع رئيس قسم الجراحة بجامعة القاهرة- الاسلاميّ المتشدد-،تحت يد ذات الطبيب القبطي الذي اضطهده وأجبره علي الهجرة، فلا يوجد جراح يمكنه اجراء هذه العملية الا دكتور (لوقا) الذي طرده يوما قائلا له"انت لن تصبح جراحا أبدا"
كذلك صدفة وقوع ناجي في حب فتاة يهودية بالذات،واقامة علاقة معها، الأمر الذي أراه تقليديا لدرجة توقعي له قبل حدوثه.
- النهايتان أيضا تتشابهان كثيرا،حيث مازال الكاتب يعتمد علي أسلوب المآسي الاغريقية،فيودي بكل شخصية الي نهايتها المؤسفة،فيما عدا بصيص من الأمل يجعله في نجاة أحد الاشخاص، وقد فعلها الاسواني هنا أيضا، مثلما فعل مع ذكي وبثينة.
- : جوانب ايجابية في الرواية
· الجرأة الشديدة في تناول الواقع المصري،علي ما تحمل من احباط وهزائم ويأس،الا أنها في ذاتها تدعو الي الأمل في تحرير هذا الشعب عن طريق الفن.
· قام الكاتب بالقاء الضوء علي شيء يصعب علي مثله رصده،فنقل صورة من صور الاضطهاد للنصاري علي المستوي الشعبي،وان كان الكاتب يؤكد أن الشعب المصري كله مضطهد،فهو يؤكد كذلك وقوع بعض الفئات تحت الاضطهاد المزدوج.
( و الشيء الوحيد الذي اختلف فيه الكاتب عن الافلام الامريكية التي تظهر الشارع الامريكي،هو تبيان مدي المعاناة التي مازال يواجهها السود،رابطا هنا بين الحالتين بشكل غير ملحوظ)
· من أقوي الحالات التي تعالجها الرواية،حالة دكتور صلاح، الشخص الجبان السلبي الذي يفر من وطنه،ويذهب الي أرض الاحلام فيحقق نجاحا باهرا، ويحصل علي الجنسية،ويجني ثروة وعملا مريحا ومركزا مرموقا، ثم فجأة
يتوقف عند الستين..يعاود الالتفات الي ما تركه وراءه،يقتله الحنين الي جنته المفقودة..فيبدأ بلم الفتات المتناثر من ذكريات حبه وشبابه،لكن الجبن يلازمه للنهاية.
· الجرأة الشديدة في تناول الواقع المصري،علي ما تحمل من احباط وهزائم ويأس،الا أنها في ذاتها تدعو الي الأمل في تحرير هذا الشعب عن طريق الفن.
· قام الكاتب بالقاء الضوء علي شيء يصعب علي مثله رصده،فنقل صورة من صور الاضطهاد للنصاري علي المستوي الشعبي،وان كان الكاتب يؤكد أن الشعب المصري كله مضطهد،فهو يؤكد كذلك وقوع بعض الفئات تحت الاضطهاد المزدوج.
( و الشيء الوحيد الذي اختلف فيه الكاتب عن الافلام الامريكية التي تظهر الشارع الامريكي،هو تبيان مدي المعاناة التي مازال يواجهها السود،رابطا هنا بين الحالتين بشكل غير ملحوظ)
· من أقوي الحالات التي تعالجها الرواية،حالة دكتور صلاح، الشخص الجبان السلبي الذي يفر من وطنه،ويذهب الي أرض الاحلام فيحقق نجاحا باهرا، ويحصل علي الجنسية،ويجني ثروة وعملا مريحا ومركزا مرموقا، ثم فجأة
يتوقف عند الستين..يعاود الالتفات الي ما تركه وراءه،يقتله الحنين الي جنته المفقودة..فيبدأ بلم الفتات المتناثر من ذكريات حبه وشبابه،لكن الجبن يلازمه للنهاية.
· يلقي الكاتب الضوء علي ازدواجية المعايير-بل والرؤية- التي يتسم بها جيلنا،ويبدو ذلك واضحا من خلال تناول شخصيتي(شيماء محمدي) المحجبة المتفوقة علميا،والتي تستجيب لعلاقة غير مشروعة في الولايات، وشخصية (طارق حسيب) المتفوق الذي لا يترك فرضا، ومع ذلك يدمن مشاهدة افلام البورنو،وممارسة العادة السرية.
كذلك أعجبني التشتت الذي وضع فيه الكاتب ،حالة دكتور (رأفت) الذي ازدري وطنه، وأصبح أمريكيا قلبا وقالبا، ومع ذلك يكتشف أنه مازال يحتفظ بموروثاته الشرقية.
_ _ في النهاية ، يتأكد لي بعد قراءتي لروايته الثانية،رأيي في الدكتور علاء الأسواني، قد أعترف به كراصد جيد وناقد لا بأس به لمشكلات المجتمع وفساده السياسي والاخلاقي،لكن لا يمكنني اطلاق لقب"مبدع" عليه بضمير مستريح.
هناك ٥ تعليقات:
لا يختلف اثنين على ان علاء الاسوانى كاتب مختلف عن باقى كتاب عصرنا الحالى وارى ان ما القى عليه الضوء هو جراته فى تناول المواضيع بشكل كامل ومفصل على عكس الاضواء التى تلقى على القضايا من بعيد او باسلوب اعطيك فكرة وانت بقى افهم اما عن روايته شيكاجو فانا لم اقرها بعد ولكن بعد قراتى لمواضيع عنها ومنها موضوعك قررت ان اجدها واقرها واشكرك على التوضيح المفصل واعتقد فى رايى ان علاء الاسوانى لا يتعدى ان يكون كاتب يختار ان يلعب على الاوتار الحساسة ولكن ان نطلق عليه لقب مبدع فهو شى يجب التفكير فيه مطولا
شكرا لتعليقك اولا
ثانيا وضعت لك رابط تحميل الرواية-شيكاجو-اذا كنت من محبي القراءة عبر الجهاز، أما ان كنت مثلي، فاشتريها بقي
عن نفسي لم اشترها..أخذتها من صديق اشتراها بتلاتييييييين جنيه
احم .. طب ليه التشريدة دي .. عادي يعني .. اشتريتها من حفلة التوقيع ف الفور سيزونز بتلاتين جنيه .. استريحتي .. بس شفتي الهبل ؟.. مخليتهوش يوقع ع الرواية .. كان فيه طابور ناس ومبحبش اقف ف طوابير .. متعقد م الموضوع ده من وانا صغير .. متفق معاكي ف معظم اللي قلتيه عن الرواية
عود فرغلي يا بنتي .. افتكرتك هتبطلي تدوين زي مبطلتي .. احم .. ولا بلاش
هامشي بقى قبل معك اكتر من كده
شكلي مهيس انهارده
انا كمان قريت الرواية
وبرضة مش اشتريتها .. وجبتها من واحد صاحبى
اصل انا بصراخة مهما كانت مش هشتريها .. مش عيب فى علاء الاسوانى او عادل امام
لكن عيب فيا انا
جزاكم الله خيرا اختنا على العرض ده
وسيرى فى طريق المدونة .. واصبرى عليها .. وان شاءالله تجدى وقت ليها
بس ابقى كبرى الخط شوية .. وراعى ان فيه ناااس لابسين نظارة
بن توفيق
ماشاء الله سنك صغير لكن تفكيرك منظم وواضح انك عارف طريقك
بصراحة كل حد بيتكلم عن القضية والاخوة والدين ف السن دة بقلق منه لأنه غالبا ما بتكون فورة حماس واخداه، وغالبا ما بيبقي من الادمغة اياها ؛لذلك نادرا ما يقنعني بأحدهم، وعشان كدة انت مميز بالنسبالي
يارب تكمل ف طريقك دون أن تضطر الي الركون الي اقصي اليمين او اليسار..بالنسبة للرواية دي لا علاقة لها بعادل امام، بل علاقته بسابقتها..بصراحة انا قلت اني استخسر فيها تلاتين جنيه لكن دة مش مبدأ لأن الأصل اننا نقرا،عشان نعرف نميز الكويس من الوحش، ونقدر نصدر حكم؛فبصراحة لو مفيش وسيلة لقراءة نص ما غير اني اشتريه،حشتريه حتي لو عندي انطباع مسبق ضده
بس خلاص ومنور مدونتي
إرسال تعليق