الثلاثاء، ٢٨ أغسطس ٢٠٠٧

جنة الأطفال


بابا …
نعم
.أنا وصاحبتي نادية دائماً مع بعض..
طبعاً يا حبيبتي فهي صاحبتك.
في الفصل، في الفسحة، وساعة الأكل..
شيء لطيف وهي جميلة ومؤدبة.
لكن في درس الدين أدخل أنا في حجرة وتدخل هي في حجرة أخرى!
لحظ الأم فرآها تبتسم رغم انشغالها بتطريز مفرش فقال وهو يبتسم:هذا في درس الدين فقط..
لِمَ يا بابا؟
أنت صغيرة وسوف تفهمين فيما بعد
.أنا كبيرة يا بابا.
بل صغيرة يا حبيبتي..
لِمَ أنا مسلمة؟
عليه أن يكون واسع الصدر وأن يكون حذراً ولا يكفر بالتربية الحديثة عند أول تجربة.
قال:بابا مسلم وماما مسلمة ولذلك فأنت مسلمة
.ونادية؟
باباها مسيحي وأمها مسيحية ولذلك فهي مسيحية.
هل لأن باباها يلبس نظارة؟
كلاّ لا دخل للنظارة في ذلك، ولكن لأن جدها كان مسيحياً كذلك..وقرر أن يتابع سلسلة الأجداد إلى ما لا نهاية حتى تضجر وتتحول إلى موضوع آخر ولكنها سألت:مَن أحسن؟
وتفكر قليلاً ثم قال:المسلمة حسنة والمسيحية حسنة…
ضروري واحدة أحسن؟
هذه حسنة وتلك حسنة.
هل أعمل مسيحية لنبقى معاً دائماً؟
كلا يا حبيبتي، هذا غير ممكن، كل واحدة تظل كباباها وماماها..
ولكن لِمَ؟
حق أن التربية الحديثة طاغية!.. وسألها:ألا تنتظرين حتى تكبري؟
لا يا بابا..
حسن، أنت تعرفين الموضة، واحدة تحب موضة وواحدة تفضل موضة، وكونك مسلمة هو آخر موضة، لذلك يجب أن تبقي مسلمة..
يعني نادية موضة قديمة؟
الله يقطعك أنت ونادية في يوم واحد. الظاهر أنه يخطئ رغم الحذر. وأنه يدفع بلا رحمة إلى عنق زجاجة. وقال:
المسألة مسألة أذواق ولكن يجب أن تبقى كل واحدة كباباها وماماها..
هل أقول لها إنها موضة قديمة وإنني موضة جديدة؟
فبادرها:كل دين حسن، المسلمة تعبد الله والمسحية تعبد الله..
ولِمَ تعبده هي في حجرة وأعبده أنا في حجرة؟
هنا يُعبد بطريقة وهناك يُعبد بطريقة..
وما الفرق يا بابا؟
ستعرفينه في العام القادم أو الذي يليه، وكفاية أن تعرفي الآن أن المسلمة تعبد الله والمسيحية تعبد الله.
ومَن هو الله يا بابا؟وأُخذ. وفكّر ملياً. ثم سأل مستزيداً من الهدنة:ماذا قالت أبلة في المدرسة؟تقرأ السورة وتعلمنا الصلاة ولكني لا أعرف. فمن هو الله يا بابا؟فتفكر وهو يبتسم ابتسامة غامضة وقال:هو خالق الدنيا كلها.
كلها؟
كلها.
معنى خالق يا بابا؟
يعني أنه صنع كل شيء.
كيف يا بابا؟
بقدرة عظيمة..
وأين يعيش؟
في الدنيا كلها..
وقبل الدنيا؟
فوق..
في السماء؟
نعم.
أريد أن أراه.
غير ممكن.
ولو في التلفزيون؟
غير ممكن أيضاً.
ألم يره أحد؟
كلا..
وكيف عرفت أنه فوق؟
هو كذلك.
مَن عرف أنه فوق؟
الأنبياء.
الأنبياء؟
.. نعم ..
وكيف يا بابا؟
بقدرة خاصة به.
عيناه قويتان؟
نعم.
لِمَ يا بابا؟
الله خلقه كذلك.
لِمَ يا بابا؟
وأجاب وهو يروض نفاد صبره:هو حر يفعل ما يشاء..
وكيف رآه؟
عظيم جداً، قوي جداً، قادر على كل شيء..
مثلك يا بابا؟
فأجاب وهو يداري ضحكة:لا مثيل له.
ولِمَ يعيش فوق؟
الأرض لا تسعه ولكنه يرى كل شيء.
وسرحت قليلاً ثم قالت:ولكن نادية قالت لي إنه عاش على الأرض.
لأنه يرى كل مكان فكأنه يعيش في كل مكان!
وقالت إن الناس قتلوه!؟
ولكنه حي لا يموت.
نادية قالت إنهم قتلوه.
كلا يا حبيبتي، ظنوا أنهم قتلوه ولكنه حي لا يموت.
وجدي حي أيضاً؟
جدك مات.
هل قتله الناس؟
كلا، مات وحده..
كيف؟
مرض ثم مات..
وأختي ستموت لأنها مريضة؟
وقطّب قائلاً وهو يلحظ حركة احتجاج آتية من ناحية الأم:كلا.. ستشفى إن شاء الله.
ولِمَ مات جدي؟
مرض وهو كبير..
وأنت مرضت وأنت كبير فلِمَ لم تمت؟
ونهرتها أمها فنقلت عينيها بينهما في حيرة، وقال هو:نموت إذا أراد الله لنا الموت.
ولِمَ يريد الله أن نموت؟
هو حرّ يفعل ما يشاء.
والموت حلو؟
كلا يا عزيزتي..
ولِمَ يريد الله شيئاً غير حلو؟
هو حلو ما دام الله يريده لنا.
ولكنك قلت إنه غير حلو.
أخطأت يا حبيبتي..
ولِمَ زعلتْ ماما لما قلت إنك تموت!
لأن الله لم يرد ذلك بعد.
ولِمَ يريده يا بابا؟
هو يأتي بنا إلى هنا ثم يذهب بنا.
لِمَ يا بابا؟
لنعمل أشياء جميلة هنا قبل أن نذهب.
ولِمَ لا نبقى؟
لا تتسع الدنيا للناس إذا بقوا.
ونترك الأشياء الجميلة؟
سنذهب إلى أشياء أجمل منها.
أين؟
فوق.
عند الله؟
نعم.
ونراه؟
نعم.
وهل هذا حلو؟
طبعاً.
إذن يجب أن نذهب؟
ولكننا لم نفعل أشياء جميلة بعد.
وجدي فعل؟نعم..ماذا فعل؟
بنى بيتاً وزرع حديقة..
وتوتو ابن خالي ماذا فعل؟
وتجهم وجهه لحظة، واسترق إلى الأم نظرة مشفقة، ثم قال:هو أيضاً بنى بيتاً صغيراً قبل أن يذهب..
لكن لولو جارنا يضربني ولا يفعل شيئاً جميلاً.
ولد شقي.
ولكنه لن يموت!
إلا إذا أراد الله..
رغم أنه لا يفعل أشياء جميلة؟
الكل يموت، فمن يفعل أشياء جميلة يذهب إلى الله ومَن يفعل أشياء قبيحة يذهب إلى النار..
وتنهدت ثم صمتت فشعر بمدى ما حل به من إرهاق. ولم يدرِ كم أصاب ولا كم أخطأ. وحرك تيار الأسئلة علامات استفهام راسبة في أعماقه، ولكن الصغيرة ما لبثت أن هتفت:أريد أن أبقى دائماً مع نادية.فنظر إليها مستطلعاً، فقالت:حتى في درس الدين!وضحك ضحكة عالية. وضحكت أمها أيضاً. وقال وهو يتثاءب :لم أتصور أنه من الممكن مناقشة هذه الأسئلة على ذاك المستوى!فقالت المرأة:ستكبر البنت يوماً فتستطيع أن تدلي لها بما عندك من حقائق والتفت نحوها بحدة ليرى مدى ما ينطوي عليه قولهامن صدق أو سخرية فوجد أنها قد انهمكت مرة أخرى في التطريز

الثلاثاء، ٢١ أغسطس ٢٠٠٧

حرام يا..غبي



من كام يوم، كنت ماشية ف شارع الهرم..ايه راجعة من التأمين الصحي.المهم

كنت مش فاكرة بفكر ف ايه، تقريبا ف قياسات النظر اللي اتبهدل معايا دة، قطع تفكيري صوت، لا هو رقيق ولا أجش

بيقول:- البنطلون حرام يا غبية..يا غبية

طبعا أنا كنت ماشية ف محاذاة الراجل؛فمعرفتش ابص أشوف شكله؛ لكن كنت شايفة البنت اللي بيتوجهلها الكلام..طبعا البنت طلعت قدام شوية وخلاص

لكن ربنا رزقه ببنت تانية برضه لابسة بنطلون، فراح موجهلها نفس الجملة:

البنطلون حرام يا غبية

هنا دققت بقي ف ملامح صوته،الغريب انه مكانش بيعاكس، ولا بيستظرف..دة منفعل بجد، وشايل هم النصيحة فعلا..وبيتكلم عن ايمان حقيقي

طبعا أنا -بما ان كل لبسي بنطلونات- حاولت أتراجع شوية لورا عشان مقعش ف مرمي بصره، وبالتالي أنال اللقب الغالي..وقعدت أفكر

الراجل دة غريب جدا

يا تري ايه اللي مخلليه يعمل كدة

وياتري مبيزهقش، والا دة نظام الدعوة الشعبية الجديد، والا ايه الموضوع بالظبط

فقت من تفكيري علي صوته تاني: كلكو اغبيا، البنطلون حرام يا غبية

المرادي كان بيقولها بحرقة أكبر، وطبعا اكتشفت ان أنا صاحبة اللقب المرادي

بهبلي تخلليت عن الحذر وأنا بفكر، فوقعت ف مرمي طلقاته

بصراحة دمي اتحرق..فكرت أرد عليه، أقوله :والشتيمة مش حرام يا غبي!!

وبعدين قلت الطيب أحسن يمكن يكون شارب والا مصدوم والا معقد، يمسكني يلبني علقة، وانتو عارفين..مبقاش فيه أي حد بيتدخل لما يشوف بنت بتنضرب ف شارعنا العزيز

شديت الخطا ومشيت محروق دمي

يعني لو البنطلون اللي انا لابساه حرام يا محترم، الشتيمة مش حرام..وبحلقتك ف اللي رايحة واللي جاية مش حرام..واطلاق الأحكام بدون وجه حق !!..طب تدخلك ف ما لا يعنيك مش حرام

بس سعادة المستشيخ الشوارعي-مش شتيمة-مش شايف غير حرامنا احنا بس

بعد ماهديت فكرت فيها، لقيت ان الراجل دة تلخيص لمواقفنا كلها ببساطة،احنا دايما باصين لبرة، عنينا مجهزة للنظر للخارج بس، زي كشافات العربيات

بتتسلط ع العربيات التانية بس، احنا فالحين قوي

نبص برّانا..انما جوانا مضلم

كأننا نسينا عضو البصر المعنوي، وركزنا ع العضو المادي بس، مع ان ربنا خلقلنا الاتنين

المهم بقي

مع اني بحب المشي قوي..ركبت عشان اخلص م الشارع، واللي ف الشارع


الجمعة، ١٧ أغسطس ٢٠٠٧

مقدمة..تأخرت



كنت طفلة، وكانت لدي أسباب وجيهة لكرهه..فجأة، يهتز العالم من حولي بالخبر..وأري وجوها حانقة..ووجوها غير مبالية
أخي الاكبر -الاخوانجي-يزمجر قائلا: ماذا فعلت هذه الجائزة لفلسطين!..تري لماذا يمنحونها لعربي مالم يكن معهم!
تتسع عيناي كطفلة في الثامنة،منبهرة دائماـ وأجذب كمه قائلة:
- مع من!
-م..أ..مع اليهود
وأنا لا أعرف عن اليهود سوي أنهم هؤلاء المقرفون الخارجون من(طابا) مؤخرا،حين غنينا للنصر..فكيف يكون هذا الاحمق معهم!
-وهل..ينبغي أن يكون معهم ليحصل علي الجائزة!
ويضيع سؤالي كأنما الرد اكبر من مقدرتي علي الاستيعاب؛فأعود:
-خالد..كيف هو معهم..أليس مصريا مثلنا!
فيزفر أخي العلامة الفهامة، الذي تعدي العشرين بعام واحد:
-افهمي..انه يشتم ربنا
فأشهق كما ينبغي للكارثة أن تؤثر فيّ،وأنسي أن أسأله عن علاقة ذلك باليهود، بينما امي تمصمص شفتيها مستغفرة
ويترك الاسم والجائزة في ذهني بقعة سوداء لا تنمحي
كنت طفلة، وقد بدأت (مصر) تحتفل بالحدث؛فيذيع التليفزيون أفلاما مظلمة عجيبة عن شبان مطربشين،يسيرون تحت علم اخضر غريب، هاتفين بحياة سعد..ثم نساء يتراقصن..امرأة زوجة لاثنين، ورجل ذو قرون..يععع
أشياء عجيبة ومنفرة..أف متي يعودون لعادل امام واسماعيل يس!..متي ينتهي هذا الصخب المجنون

كنت طفلة، وقد وصلت لنهاية المرحلة الابتدائية، وبدأت أستكشف متعة أخري، قُدر أن تكون المتعة الكبري في حياتي
بدأت أقرأ
المؤسسة..فلاش..نبيل فاروق
مقالات وقصص قصيرة..شعر..عوالم سحرية ،استكشفتها بذات اللهفة والانبهار اللذان استكشف بهما كولومبس ارضه الجديدة
وبدأت أضيف الي طعامي كل شيء مكون من أحرف..وألتهم كل ما يقع تحت عيني من كلمات..بدأت أشعر أنني شخص أعمق وأقوي..وأضعف
كنت طفلة، لكنني كنت أكبر، وتكبر معي أسباب عزوفي ونفوري من الرجل..
قبل الخامسة عشر،أحببت يوسف ادريس، وسمحت له بتحطيم نظريتي حول استحالة التعايش بين الادب الحقيقي والطب
وبدأت أومن أن ادريس يستحق الجائزة التي حصل عليها"الاخر" ..وبدأت أتعاطف مع نظرية المؤامرة التي اعتنقها يوسف، واتخذت جانبه دون أن أقرأ الاخر

كنت طفلة،في السابعة عشر من عمرها، ملّت كل ما حولها،بدأت تنظر داخلها، وداخل الناس..بدات تتساءل عن ذواتهم دون ان تنتظر ردا،عالمة ان احدا لا يملك الرد..
انتهت كل حصيلتي من الروايات..ما ابتعته وما تبادلته مع رفاقي
اخي الاصغر كان قد حصل علي مخلفات جار مثقف،كف عن الماضي
-ما هذا يا هيثم!
-عم ابو فايز يصفي اشياءه القديمة وقد منحني مجموعة طوابع رائعة
-أرني..وهذا!
-اشياء قديمة
-وهذا!
-رواية..
قالها بلا اكتراث،فتلقفتها بقلبي..رواية..اخيرا..وتصطدم عيناي بالعنوان"القاهرة الجديدة"..ويتلاشي حماسي،فتقبع بالدرج فترة لاباس بها..امسكها فأذكر الفيلم، ومشهد الرجل ذي القرون..تبا
كنت طفلة لم ازل، وفي لحظة ضعف وملل طفوليين، امد يدي للرواية..واقرا؛فتتسع عيناي؛فاقرا..ويتسع عقلي؛فاقرأ
ذهول..ندم..مم حرمت نفسي طيلة الفترة الماضية!..كيف ابتعدت عن هذا ولاي سبب!0
ليلة كاملة،قضيتها مع الرواية،ثم نمت مع طلوع الشمس، ورأسي ممتليء ، ومشاعري متلاحقة
كنت اكبر..لكن حماقة الماضي تكبر ايضا
وخلال عام، ابتلعت انتاج الرجل، واكتشفت أن ما بهرني كان فكر عال،احتوته رواية"متوسطة" بين رصيد الرجل
وحين أنهيت تراث هذا العبقري، ادركت انني في مازق حقيقي،حيث لم استطع ان اقرب ادبا اخر لمدة طويلة
وحيث غرقت في بحور المقارنة،والمفاضلة
وحيث اعترف عقلي ومشاعري بأحقيته في اكثر من (نوبل) بكثير..في جوائز لا ثمن لها ولا مقر ولا لجان
وأدركت كم هو قاس وظالم-لك-أن "تؤمِّع " رأيك،فتلحقه بآراء الناس دون اطلاع..

كنت طفلة، وما ازال اتمتع بأبشع صفات الاطفال
وما ازال ارجيء حديثي عنه ،الي أن يغادر ؛فأضطر ان أختم مقدمتي بجملة، ما كنت لاقولها لو ألحقتُ نيتي بالعمل الفوريّ
فليرحمك الله أيها العبقري..عساك اليوم قد وصلت الي السر الذي حرت فيه طيلة عمرك الثري
المليء بالادب، والفلسفة، والثورة..والايمان0
-------------------------------------------------------------------
هذه المقدمة، كتبتها من حوالي عام..حين رحيله الموجع..والعجيب انني لم أكتب في هذه السلسلة سوي مقال واحد عن السرد لدي نجيب..لماذا توقفت..لا أدري
لكن نهاية هذاا الشهر، تفاجئني ذكري رحيله الأولي..ياللزمن!!
اسمحوا لي، أن ألوّن مدونتي باللون النجيبي هذه المرة..ذلك اللون الذي لم يفارقني منذ لمسته، واستنشقته، وتذوقته

الأحد، ١٢ أغسطس ٢٠٠٧

!!لماذا عادل محمد


وأخيرا..نتلقف تلك القصائد التي عشناها يوما بيوم..لمست احاسيسنا، أدمعتنا..أوجعتنا..رسمت بمخيلاتنا عوالم رومانسية لم ولن تذبل قط..أخيرا، نتلقفها مجمعة بديوان
سعادتي الكبري بميلاد هذا الديوان، ليست لأن الدكتور عادل قد كبرسنا وصار لزاما عليه أن يصدر، وليس

لأنه قد تخطي مرحلته الأولي ونضج عنها بالفعل، وليس لأن تجربته اكتملت، وصار حتميا تأريخ المراحل الأولي لها

انه-بجانب كل ذلك-الايمان بأن شخص كعادل اذا لم يصل، فالدنيا مازالت مقلوبة
والي كل المرتكنين الي اليأس، المتصورين أن هذا العصر لا يعطي من يستحق..أقول..كن كهذا الفتي الدؤوب المنظم..تصل
ان سعادتي الكبري بهذا الديوان،تعود الي تأكيد القاعدة التي بهتت كثيرا،من جد وجد..عادل محمد
ألف مبروك أيها المغمور، صدور ديوانك الأول ،لا كمغمور موهوب فحسب، ولكن كمغمور عرف طريقه، تحمس له..وضع هدفه واتجه تلقاءه..ومعك أقول
"ان الآتي ليس بعيداً/مادمنا نتجه اليه"

لا تنسوا يا بشر
تقيم جماعة مغامير الأدبية يوم الأربعاء الموافق 15/8/2008 ندوة +حفل توقيع ديوان عادل محمد، تعود أن تموت، أو كما اصطلحنا علي تسميته داخل مغامير"أصغر مواليد الجماعة"..الأمسية يوم الاربع اللي جاااااي ف السادسة مساء..بمكتبة خالد بن الوليد بالكيت كات
الندوة بادارة الرائع حسام عبد اللطيف، ولهذا أيضا أنتظرها بفارغ صبر
الي كل المهتمين..أراكم يومها ان شاء الله تعالي

الجمعة، ١٠ أغسطس ٢٠٠٧

عن جاهين
لسبب لا أعرفه-فهو ليس تاريخ ميلاده، ولا ذكري وفاته-تصر جماعة مغامير الأدبية علي اقامة ندوة عن الشاعر الراحل-الساحر-صلاح جاهين
ولأنني من المجنونات بهذا الرجل، اسمحوا لي أن ألون المدونة باللون الجاهيني ثلاث مرات ف العام وليس اثنتين
الندوة تقام يوم الاثنين 13/8/2007، وهي أولي ندوات الجماعة بمكتبة خالد بن الوليد بالكيت كات
الساعة السادسة مساء بمسرح المكتبة
نرحب بتشريفكم
و
احم
كدة يعني

الجمعة، ٣ أغسطس ٢٠٠٧

شيكاجو..في ظلال يعقوبيان



الرواية الثانية للدكتور علاء الاسواني، بعد حوالي خمس سنوات من روايته الأولي"عمارة يعقوبيان" والتي حظيت بشهرة واسعة وأثارت ضجة لم تحدثها رواية مصرية منذ فترة طويلة ،بل ويقال أنها أعادت بعض القراء المحجمين الي القراءة من جديد
الرواية الجديدة ،لم أستطع تلقيها دون أن ترمي "يعقوبيان" بظلالها علي هذا التلقي التشابه أولا في المغزي ،حيث يتطرق الكاتب الي الفساد السياسي والأمني الموجود ب(مصر) عن طريق مجموعة من المهاجرين والمبعوثين للدراسة بجامعات الولايات المتحدة
المكان هو ولاية شيكاجو الأمريكية ،لكنه يعود الي مصر دائما من خلال خلفيات أبطال الرواية..كما يقوم بالعرض المكثف لكل أشكال الاضطهاد في (مصر) ويربطها بأشكال ما من الاضطهاد العنصري بأمريكا..يرسم الكاتب المكان كشخص رأي الولاية ولم يتعمق فيها،فبدا كمن نقلها من فيلم أمريكي،أو خط ما سمعه من أصدقاء أمريكيين.والعجيب أن عودته الي القاهرة في خلفيات الشخصيات،قد تم تناولها بذات الطريقة، فنراه قد تجاهل التعمق في المكان أو نقل سماته وتأثيراته، مما جعلني أبرر ذلك بمحاولة للتغرب حاول الكاتب توضيحها، وأعتقد أنني احتجت الي التبرير للكاتب أكثر من مرة

زمان الرواية هو الزمان الحالي،بعد أحداث سبتمبر وما تبعها في الولايات من اضطهاد وتحرش بالعرب
الرواية تحمل فكر المواطن المحب لوطنه المقهور الغارق في همومه، الساخط علي نظام الحكم فيه ،عن طريق عرض لمذكرات(ناجي عبد الصمد) الشخصية التي حاول الكاتب جعلها شخصية الرواية ،لكنه استخدم ذات تيمة روايته الأولي حيث ربط عدد من الشخصيات –وبالتالي الحيوات-

-قال الأسواني من قبل أنه لا يستهدف القاريء الغربي ولا يعنيه أن يوصل لهم فكره،غير أني أراه هنا شديد اللعب علي وتر "التفهم" لطبيعة الحياة الأمريكية،و ضغوط المجتمع الامريكي، وعزل الشعب عن مساويء حكومته ، فبدا كمن يخاطب الشعب الأمريكي والعربي علي حد السواء
غير أني-من جديد-اري انه قد تناول أمريكا من منظور المشاهد العربي للسينما الأمريكية؛فبدا المجتمع الذي ينقله الكاتب عبارة عن مشهد منقول من فيلم أو مسلسل أمريكي.

- مازال الكاتب يستخدم أسلوب الجنس للجنس،وهو أسلوب الاقحام المستمر للجنس بداعي وبدون داعي والتعامل مع الجنس كحقيقة تدور حولها الارض..لو أردت أن أبرر هذا للكاتب لقلت أنه يحاول تصوير العلاقة بين نظامي الحكم الفاسدين هنا أو ف الولايات،بعلاقة مضاجعة آثمة،يمكننا الارتكان لهذا فيم يخص تبرير الكمّ ، وأنا يا رفاق لا أعترض علي فكر الكاتب ولا يحق لي انتقاده،لكن من جديد نتحدث عن الت..ن..ا..و..ل
قد نتفق أو نختلف، لكنني أجد تناول الأسواني لعلاقات الجنس في هذه الرواية صارخا أكثر مما ينبغي..
في عمارة يعقوبيان كان هناك حاتم الصحفي الشاذ جنسيا، وقد تعدي الاسواني التلميح الذي اعتدنا أن يتناوله كتابنا فيما يتعلق بهذه الامور الي التصريح، بل خرج من اطار المبدع، الي الدارس فبدأ يعرض معلوماته التي جمعها عن الشواذ فيم يشبه دراسة مقدمة الي القاريء، وهو الأمر الذي أثار استيائي ،وكنت أفضل حتي وان استعرض ثقافته،أن يفعل ذلك بشكل يمس الفئة التي يتحدث عنها فحسب،فيستخدم ألفاظا تجعل القاريء الطبيعي يبحث فيها منفصلا عن الرواية،لا أن تتحول الرواية في جزء منها الي موسوعة.
وهو هنا يقوم بالفعل ذاته ،فيقوم في أحد أجزاء الرواية بعرض معلومات تم تجميعها بعناية عن الاشباع الجنسي المنفرد ، فيتناول الأمر عن طريق امرأة في خريف العمر يعاني زوجها العجز الجنسي. فتبدأ باللجوء للعادة السرية. وهو نوع من الشذوذ.

-الرواية تأخذ شكل الأحداث المقطعة تماما كسابقتها،وتبدأ الأحداث بتعريفنا علي مجموعة من بروفيسورات جامعة الينوي بشيكاجو يقومون بالتصويت علي انضمام (ناجي عبد الصمد) الدارس الجديد وهو غير مبعوث من جامعة مصرية ، ولا يعمل بأيهن..من خلال المناقشة نتعرف علي سمات أساسية لدي كل أستاذ، والاساتذة مجموعة من المصريين والامريكيين..هناك أستاذ مصري يبدأ حديثه بقوله"بما أنني كنت مصريا في الماضي، وتم شفائي،فأنا أعلم عن المصريين عدم اهتمامهم بالعلم........الخ
يري الرجل أن غاية ما سيقوم به هذا الدارس بعد الحصول علي شهادته، تعليقها في عيادته للتكسب
من خلال المناقشة أيضا نتعرف علي أستاذ مصري آخر خالفه الرأي في خفوت وتهذيب...اف بقي
أبعد ما أبغيه قطعا هو أن أحرق الرواية فينتهي الحماس لقرائتها-وهو مالا أراه خسارة كبيرة- أو افساد عناصر التشويق الموجودة بالرواية
لذلك سأترك من لم يقرأها بعد يتعرف علي الشخصيات بنفسه وأنتقل للحديث عن الأحداث
"بعد عدة اسابيع،يقوم الرئيس المصري بزيارة لشيكاجو،وسيلتقي بالدارسين المصريين"
هذا هو الحدث المفجر-ان جاز التعبير- الذي يبدأ-كيعقوبيان-متأخرا نوعا بسبب انشغال الكاتب في عرض شخصياته أولا.
لا أدري، أعلم ككاتبة قصة قصيرة أن الحدث هو الشخصية في حالة فعل،فهل نتعامل من خلال هذا التعريف هنا!!
وهل يخلط الكاتب في هذا الصدد بين بناء الرواية وأشكال فنية أخري!!
وهل مازال مبكرا علي الكاتب أن يتعلم عرض الشخصيات عبر تفجير الأحداث، وليس قبلها!!

-السرد في الرواية-يوووو-نفس طريقة السرد في العمارة..يضيف الكاتب هنا لأسلوب السرد،جزء
يستخدم فيه الراوي المشارك عن طريق صفحات مقتطعة من مذكرات (ناجي)..بالواقع،يؤسفني أنني لا أجد فرقا كبيرا..فالكاتب-لازال-يستخدم الحياد بشكل عكسي،وكما استأت من حياده-الاشبه بالانحياز-مع جماعات الجهاد وقضيتهم وفكرهم وطريقة حياتهم في يعقوبيان،مازلت أستاء من التعامل بهذا الحياد القاتل مع مناطق معينة في شيكاجو، مثل التعامل مع زوجة الدكتور (صلاح)،وكذلك التعامل مع دارس ودارسة يفترض بهما التدين،يقومان بممارسة الجنس الخارجي،معتمدين علي أن هذا لا يعد زنا ولا حد له وأن الله يغفره لمن يشاء.
كذلك التعامل مع حبيبة (ناجي ) اليهودية.
التناول بحيادية،هو طريقة عبقرية للسرد، وأراها ضرورية للغاية ،لكن أن يصل الحياد لدرجة التعامل مع الشخصية ب"هز الكتفين"، فأراه يؤثر سلبا وبشكل مباشر علي تفاعل القاريء مع الشخصية، وكأنه يراها عبر عيون زجاجية..أما استخدام الحياد الاشبه بالانحياز،فيؤدي الي نوع من التعاطف مع اشخاص لا ينبغي التعاطف معهم.

-الصدفة تلعب دورا كبيرا هنا-كما فعلت هناك-فنري أجزاءا درامية حول وقوع رئيس قسم الجراحة بجامعة القاهرة- الاسلاميّ المتشدد-،تحت يد ذات الطبيب القبطي الذي اضطهده وأجبره علي الهجرة، فلا يوجد جراح يمكنه اجراء هذه العملية الا دكتور (لوقا) الذي طرده يوما قائلا له"انت لن تصبح جراحا أبدا"
كذلك صدفة وقوع ناجي في حب فتاة يهودية بالذات،واقامة علاقة معها، الأمر الذي أراه تقليديا لدرجة توقعي له قبل حدوثه.
- النهايتان أيضا تتشابهان كثيرا،حيث مازال الكاتب يعتمد علي أسلوب المآسي الاغريقية،فيودي بكل شخصية الي نهايتها المؤسفة،فيما عدا بصيص من الأمل يجعله في نجاة أحد الاشخاص، وقد فعلها الاسواني هنا أيضا، مثلما فعل مع ذكي وبثينة.
- : جوانب ايجابية في الرواية

· الجرأة الشديدة في تناول الواقع المصري،علي ما تحمل من احباط وهزائم ويأس،الا أنها في ذاتها تدعو الي الأمل في تحرير هذا الشعب عن طريق الفن.

· قام الكاتب بالقاء الضوء علي شيء يصعب علي مثله رصده،فنقل صورة من صور الاضطهاد للنصاري علي المستوي الشعبي،وان كان الكاتب يؤكد أن الشعب المصري كله مضطهد،فهو يؤكد كذلك وقوع بعض الفئات تحت الاضطهاد المزدوج.
( و الشيء الوحيد الذي اختلف فيه الكاتب عن الافلام الامريكية التي تظهر الشارع الامريكي،هو تبيان مدي المعاناة التي مازال يواجهها السود،رابطا هنا بين الحالتين بشكل غير ملحوظ)

· من أقوي الحالات التي تعالجها الرواية،حالة دكتور صلاح، الشخص الجبان السلبي الذي يفر من وطنه،ويذهب الي أرض الاحلام فيحقق نجاحا باهرا، ويحصل علي الجنسية،ويجني ثروة وعملا مريحا ومركزا مرموقا، ثم فجأة
يتوقف عند الستين..يعاود الالتفات الي ما تركه وراءه،يقتله الحنين الي جنته المفقودة..فيبدأ بلم الفتات المتناثر من ذكريات حبه وشبابه،لكن الجبن يلازمه للنهاية.

· يلقي الكاتب الضوء علي ازدواجية المعايير-بل والرؤية- التي يتسم بها جيلنا،ويبدو ذلك واضحا من خلال تناول شخصيتي(شيماء محمدي) المحجبة المتفوقة علميا،والتي تستجيب لعلاقة غير مشروعة في الولايات، وشخصية (طارق حسيب) المتفوق الذي لا يترك فرضا، ومع ذلك يدمن مشاهدة افلام البورنو،وممارسة العادة السرية.
كذلك أعجبني التشتت الذي وضع فيه الكاتب ،حالة دكتور (رأفت) الذي ازدري وطنه، وأصبح أمريكيا قلبا وقالبا، ومع ذلك يكتشف أنه مازال يحتفظ بموروثاته الشرقية.

_ _ في النهاية ، يتأكد لي بعد قراءتي لروايته الثانية،رأيي في الدكتور علاء الأسواني، قد أعترف به كراصد جيد وناقد لا بأس به لمشكلات المجتمع وفساده السياسي والاخلاقي،لكن لا يمكنني اطلاق لقب"مبدع" عليه بضمير مستريح
.